السير نحو الله تعالى يبدأ بعد يقظة الإنسان وخروجه عن طور الغفلة التي كان يتخبط فيها، لذا إعتبرها أهل السلوك والمعرفة المنزل والشرط الأول للسير المعنوي.
لكن ورغم ما لهذا المنزل من أهمية وتأثير نجد أن أكثر الناس منه محرومون بل وينقيضه مبتلون، اي الغفلة والإحجاب عن الحق فما هو السبب؟ السبب يعود إلى عدم التنبه إلى أمرين أساسيين ومهمين جدا في السفر المعنوي وهما :
1. الإيمان بوجود غاية وهدف لهذا الإنسان، وانه يجب التحرك نحوه وأن بلوغ هذا المقصد ممكن .
2. أن الوقت ضيق، والفرصة محدودة، والعمر قصير لذا لا بد من العمل والتحرك بسرعة .
فإذا لم يؤمن الإنسان بوجود هدف سام ينبغي الوصول إليه خفت عزيمته وضعفت إدارته حتى تموتا بالكامل .
وإذا ما اعتقد أن في الوقت متسع والعمر طويل ابتلى بطول الأمل والرجاء.
وهكذا يكون طول الأمل وعدم الإيمان بالغاية الحقيقية للإنسان سببين لغفلتنا وعدم يقظتنا في هذا العالم .
ويجب أن نعرف أن من أهم أسباب عدم التيقظ الذي يؤدي إلى نسيان المقصد، ونسيان لزوم المسير، وإلى إماتة العزم والإرادة، هو أن يظن الإنسان أن في الوقت متسعاً للبدء بالسير، وأنه إذا لم يبدأ بالتحرك نحو المقصد اليوم، فسوف يبدأه غداً، وإذا لم يكن في هذا الشهر، فسيكون في الشهر المقبل.
فإن طول الأمل والرجاء، والظن بطول البقاء، والأمل في الحياة ورجاء سعة الوقت، يمنع الإنسان من التفكير في المقصد الأساسي الذي هو الآخرة. ومن لزوم السير نحوه ومن لزوم اتخاذ الصديق وتهيئة الزاد للطريق، ويبعث الإنسان على نسيان الآخرة ومحو المقصد من فكره وإذا لا سمح الله نسي الإنسان الهدف المنشود في رحلة بعيدة وطويلة، ومحفوفة بالمخاطر مع ضيق الوقت، وعدم توفّـر العُـدّ َة والعدد رغم ضرورتهما في السفر،فمن الواضح ( بالنسبة لهكذا إنسان ) أنه لن يفكر في الزاد ولوازم السفر، فإذا حان وقت السفر شعر بالعجز فتعثر وسقط في أثناء الطريق، حتى يهلك دون أن يهتدي إلى السبيل .
السيد الاعرجي ; توقيع العضو |
|